إرادة التغيير في لبنان:

مظاهرات حاشدة في مختلف الجهات اللبنانية، مطالبهم تعبر عن إرادة التغيير ومحاسبة الفاسدين وإقالة الحكومة وتطوير نظام الحكم. يطالب المتظاهرون بتجاوز نظام الطوائف نحن أما اصطدام بالثوابت وتجاوز الخطوط الحمراء كما قال بعضهم. هل إن انتفاضة لبنان هي "انتفاضة الموجوعين الفقراء والمهمشين أي انتفاضة وطن ينزف" (مريم المشتاوي، القدس العربي، 23 أكتوبر). الحراك الشعبي يهدد الامتيازات الفعلية الذي يتمتع بها حزب الله مما يفسر معارضة لهذا الحراك بالإشتراك مع حزب أمل.

قال الوزير الأول سعد الحريري "وصلت إلى طريق مسدود" واستقال من الحكومة بعد ثلاث عشر يوم من المظاهرات. طلب رئيس الجمهورية ميشال عون من سعد الحريري بالاستمرار في تصريف الاعمال ريثما تتكون حكومة جديدة ولكن الأمر لا يبدو سهلا نظرا لتمسك الطوائف بامتيازاتهم. الاستقالة لم ترض المحتجين إذ يطالبون بتغيير جذري لطبيعة الحكومة. تعيش لبنان هدوء نسبيا. فتحت الشوارع بصفة وقتية ولكن الاعتصامات متواصلة إلى أن تتحقق المطالب. فكيف ستكون المرحلة المقبلة؟

الجزائر تطالب بإبعاد كل رموز النظام السابق

أراد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أن يتقدم لرئاسة خامسة مع أنه كان مريضا. ثار الشعب ضده يوم الجمعة 22 فيفري وتواصلت المظاهرات الشعبية كل يوم جمعة فاضطر إلى تقديم استقالته يوم 2 أبريل ولكن المظاهرات تواصلت للمطالبة بإبعاد كل رموز النظام السابق أصبح القايد صالح مدير الأركان معتمدا على الجيش الإشراف على الحكم الفعلي وشرع في محاكمة بعض رجال الحكم.

تتواصل المظاهرات فكيف الخروج من هذا المأزق وهل بإمكان الحراك السيطرة على نفوذ الجيش الذي كان ينفرد بالحكم؟ هل سيدعم الجيش الانتخابات ضد الشعب؟

الثورة السودانية

بدأت المظاهرات احتجاجا على ارتفاع ثمن بعض البضائع وخاصة الخبز ثم أخذت تطالب بإقالة رئيس الحكومة عمر البشير.

قام الجيش يوم 11 أفريل بعزل الرئيس وإيقافه وأخذت الحكم هيئة عسكرية فأصبح المتظاهرون ينادون بإرساء حكومة مدنية وتواصلت المظاهرات وتم آخر الأمر الاتفاق على تكوين مجلس سيادي من ستة مدنيين من زعماء الحراك وخمس عناصر من الجيش تحت حكم جنرال.

 

 

الاحتجاجات في العراق

اعتبر رجال الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية أن العراق دخل عهد الديمقراطية بعد احتلاله والقضاء على نظام صدام حسين ولكنه في حقيقة الأمر دخل "ديمقراطية الطوائف" وقد افتكت الحكم الأغلبية الشعبية وسيطرت على الأقلية السنية مع تعايشها مع المجتمع الكردي.

مظاهرات العراق تجاوزت النظام الطائفي وطالبت إصلاح نظام الحكم واستجابته للمطالب الاجتماعية مع القضاء على الفساد. وقد انظم رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر إلى المتظاهرين في مدينة نجف يوم 22 أكتوبر وطالب بإسقاط الحكومة.

الخــــــلاصة

هل إن هذا الحراك الشعبي يعني إزالة قداسة السياسي؟ أم هل إنه مفهوم بديل للسياسة؟ إن هذه الأحداث المتسارعة في لبنان والجزائر والسودان والعراق قد تمثل عودة الوعي لمحاكمة السياسيين الذين يمثلون النظام.

الشعب يريد مراجعة أوليات الحكم لتحقيق العدالة الاجتماعية ورفع مستوى العيش وإصلاح طرق الحوكمة ومحاربة الفساد الشمولي الذي طغى في هذه البلدان وتجاوز الديمقراطية التمثيلية ومؤسساتها التي عجزت على تحقيق انتظارات المواطنين. هل يفرض الشارع الديمقراطية المباشرة ؟ فهل يمثل هذا الوضع الجديد تطورا جذريا أم هي سحابة صيف سرعان ما تنقشع؟